تأثير العلاقة الأسرية في شخصية الطفل
س: تختلف طبيعة العلاقة التي تربط الأم بالأب من أسرة إلى أخرى، فمن العلاقات ما يسودها الاحترام، ومنها ما يسودها الجفاء، ومنها ما يسودها المحبة والوئام، وأخرى تسودها المشاكل. كيف ينظر الإسلام إلى تأثير هذه العلاقة في الأولاد ؟
ج: لا نستطيع التحدث عن نظرية إسلامية بالمعنى النصّي في هذه المسائل، ولكننا نستطيع استقراء الموضوع في الخط العام. لا شك في أن الإسلام يؤكد قيام العلاقة بين الأب والأم، أو بين الزوج والزوجة، على أساس المودة والرحمة، باعتبار الأصل الذي وضعه القرآن في حديثه عن طبيعة العلاقة الزوجية، بحيث إن الله تعالى نسب المودة والرحمة الموجودة في قلب الزوجين إلى نفسه {وجعل بينكم مودة ورحمة...} (الروم:21)، ما يوحي بأنه تعالى يريد للزوجين أن يؤكدا هذا البعد في علاقتهما ببعضهما البعض بشكل طبيعي، إضافةً إلى البعد الحسي الذي تفرضه العلاقة الزوجية.
ومن الطبيعي أن مردود جو الود والرحمة لا يقتصر على علاقة الزوجين بعضهما ببعض، بل يتعداها إلى الأولاد الذين تخصّهم تلك العلاقة، باعتبار أن المودّة والرحمة اللّتين تُنتجان الاحترام والحب، تتركان تأثيرات إيجابية على حياة الزوجين وعلى حياة الأولاد، بحيث تؤمِّن مناخاً صحياً بين الزوجين، ينفتح بهما على كل المشاعر والممارسات الإيجابية فيما بينهما، وتنتقل هذه المشاعر منهما تلقائياً إلى الأولاد، فتخلق لديهم إحساساً بالأمان، وميلاً إلى التعاون وما إلى ذلك من النزعات الإيجابية...
أما إذا فرضنا أن علاقة الزوجين كانت علاقة فاترة، تفتقد الإحساس الصادق والمحبة الخالصة، خصوصاً بعد أن تتحول الحياة الزوجية إلى روتين بفعل اعتياد الطرفين بعضهما على بعض، فمن الطبيعي أن ينعكس هذا الجمود العاطفي سلباً على الأولاد، لأن الزوجين عندما يفقدان مشاعرهما الحميمة أحدهما تجاه الآخر، فإن الأولاد سوف يعيشون مناخاً جامداً لا يتحسسون فيه أي معنى للعاطفة أو الحميمية، ولا شك في أن الوالدين اللذين يعيشان الروتين في علاقتهما، سوف يعيشان الروتين نفسه في علاقتهما مع الأولاد، لأن الحالات النفسية لا تتجزَّأ.
ذلك أن عيش الزوجين حياتهما المشتركة بشكل عادي خالٍ من الحرارة والحميمية واللهفة والحنان والاحتضان الروحي وما إلى ذلك، يدل على جمود في شخصيتيهما، ومن الطبيعي أن الشخصية الجامدة تجاه شريك الحياة، هي شخصية جامدة تجاه الأولاد كما تجاه الناس كلهم. إن هذا الجمود سوف ينعكس سلباً على شخصية الأولاد الذين قد يألفون هذا الجمود، وربما يتمثلونه في عمق شخصياتهم.
في مثل هذه الحالة، يفترض بالزوجين، كما يفترض بأي إنسان، أن يعيش إنسانيته بإحساسه بشريكه، فيعتبر جموده العاطفي حالة مَرَضِيّة لا بد من أن، يعالجها فيتبادل الزوج عاطفة الود مع زوجته، وكذلك تفعل الزوجة، الأمر الذي ينعكس إيجاباً على الأولاد، سواء من خلال المناخ الذي يشيعه ذلك، أو من خلال ترجمة تلك الحركية الخارجية إلى حركية عاطفية تجاه الأولاد.
أما الزوجان اللذان يعيشان حالة التنافر والنزاع، بحيث تكون حياتهما مملوءةً بالمشاكل والخلافات، فمن الطبيعي أن ينعكس ذلك سلباً وبشكل كبير جداً على الأولاد. ونحن نعرف من الدراسات الاجتماعية، أن أكثر المشاكل التي يعيشها الأولاد لا تتأتى بسبب انفصال الوالدين، بل بسبب الخلافات الزوجية داخل البيت، بحيث يبدو أن الطلاق، بما فيه من سلبيات، قد يكون أكثر رحمةً بالأولاد، من حياة عائلية في كنف أبوين متنافرين متنازعين لا يحترم أحدهما الآخر، ويكره كل منهما الآخر.
إن علاقة الاحترام المتبادل هي أفضل العلاقات، حتى لو عاش الزوجان الرتابة أو الملل... ولهذه العلاقة تأثير كبير ومهم على الأولاد وعلى نظرتهم إلى الوالدين وإلى الزواج والمؤسسة الزوجية...
أثر المشاكل داخل الأسرة على الطفل
س: إذا كان هناك مشكلة بين الأب والأم، فكيف يمكن حلّ هذه المشكلة دون أن يؤثِّر ذلك على الأولاد؟
ج: بما أن الخلاف الزوجي أمر طبيعي وشائع، فمن واجب الزوجين في حالة التنافر أن لا يتنازعا أمام الأولاد، بحيث لا يسيء الرجل إلى زوجته فيضربها أو يشتمها أو يعنّفها أمام الأولاد، ولا تسيء الزوجة إلى زوجها بأن تتمرد عليه أو تحقِّره أو ما إلى ذلك أمامهم، لأن ذلك سوف يترك تأثيراً سلبياً على الأولاد، فينشأون معقّدين تتنازعهم عواطف متناقضة بين الحب والكراهية تجاه والديهم اللّذَيْن يؤذي كل منهما الآخر، كما قد ينعكس ذلك على حياة الأولاد المستقبلية، إذ تنشأ البنت والصبي وفي ذهنيهما إدراك مشوّه لطبيعة العلاقة التي تربط الزوجين، بحيث يحاولان إسقاطها على حياتهما.
هذا ما شاهدناه في كثير من التجارب، التي تحوّل فيها الولد إلى شخص قاسٍ على زوجته، لأن أباه كان قاسياً على أمه، وكانت فيه البنت متمردة على زوجها، لأن أمها كانت كذلك. فالبيت هو المدرسة التي تزرع في نفس الأولاد بذور المعرفة الأولى بالعالم، الأمر الذي يحوّل تجربة الآباء والأمهات إلى درس يتلقّاه أبناؤهم باكراً في مفهوم الزوجية أو في أي مفهوم إنساني أو اجتماعي...
الطلاق وتأثيره على الطفل
س: من حق الولد أن يتربى في أسرة متماسكةٍ. كيف يمكن أن نفسر تشريع الطلاق، بناءً على ذلك؟ وهل من تأثيرات إيجابية للطلاق تبرِّر تشريعه؟
ج: قد يكون من حق الولد أن يتربى في أسرة متماسكة، إلا أن للطلاق تأثيرات إيجابية على الأولاد في حال فشل زواج الوالدين وتحول علاقتهما إلى جحيم لا يطاق بالنسبة إلى الأولاد، خصوصاً عندما يضرب الزوج زوجته، أو تهرب الزوجة من زوجها عندما يتشاتمان ويتنازعان ويتهاجران بشكل دائم وما إلى ذلك، ما يعطي الأولاد إحساساً بالاضطهاد والحيرة والتمزّق، ويضعهم في حالة طوارىء تدمر نفسياتهم، وتعطيهم صورة سلبية عن الحياة والزواج وعن الجنس الآخر، إلى درجة يتعقد فيها الصبي من المرأة إذا كانت أمه تسيء لأبيه، وتتعقد البنت من الرجل إذا كان أبوها يسيء إلى أمها وما إلى ذلك.
وقد ذكر بعض العلماء، أن المجرمين هم أولاد الخلافات الزوجية، لذلك أراد الإسلام من الزوجين معالجة خلافاتهما قبل الوصول إلى الطلاق الذي هو أبغض الحلال إلى الله، فركّز على أن يكون أساس العلاقة الزوجية مبنياً على المودة والرحمة، والأمن والسكينة، وهو المناخ المثالي لتنشئة الأولاد، كما حصّن الإسلام الزواج من إمكانية الانهيار تحت تأثير الخلافات، بقانون تحكيم العائلة {وإن خفتُم شِقاق بينهما فابعثوا حكَماً من أهله وحكَماً من أهلها إن يريدا إصلاحاً يوفِّق الله بينهما إن الله كان عليماً خبيراً} (النساء:35). فإذا نشبت الخلافات، ولم تنفع معها كل الإجراءات الوقائية، فإن الطلاق عند ذلك يكون الحالة الأسلم للزوجين وللأولاد، وهذا ما عبّر عنه القرآن الكريم: {فإمساكٌ بمعروف أو تسريحٌ بإحسان} (البقرة:229).
س: تختلف طبيعة العلاقة التي تربط الأم بالأب من أسرة إلى أخرى، فمن العلاقات ما يسودها الاحترام، ومنها ما يسودها الجفاء، ومنها ما يسودها المحبة والوئام، وأخرى تسودها المشاكل. كيف ينظر الإسلام إلى تأثير هذه العلاقة في الأولاد ؟
ج: لا نستطيع التحدث عن نظرية إسلامية بالمعنى النصّي في هذه المسائل، ولكننا نستطيع استقراء الموضوع في الخط العام. لا شك في أن الإسلام يؤكد قيام العلاقة بين الأب والأم، أو بين الزوج والزوجة، على أساس المودة والرحمة، باعتبار الأصل الذي وضعه القرآن في حديثه عن طبيعة العلاقة الزوجية، بحيث إن الله تعالى نسب المودة والرحمة الموجودة في قلب الزوجين إلى نفسه {وجعل بينكم مودة ورحمة...} (الروم:21)، ما يوحي بأنه تعالى يريد للزوجين أن يؤكدا هذا البعد في علاقتهما ببعضهما البعض بشكل طبيعي، إضافةً إلى البعد الحسي الذي تفرضه العلاقة الزوجية.
ومن الطبيعي أن مردود جو الود والرحمة لا يقتصر على علاقة الزوجين بعضهما ببعض، بل يتعداها إلى الأولاد الذين تخصّهم تلك العلاقة، باعتبار أن المودّة والرحمة اللّتين تُنتجان الاحترام والحب، تتركان تأثيرات إيجابية على حياة الزوجين وعلى حياة الأولاد، بحيث تؤمِّن مناخاً صحياً بين الزوجين، ينفتح بهما على كل المشاعر والممارسات الإيجابية فيما بينهما، وتنتقل هذه المشاعر منهما تلقائياً إلى الأولاد، فتخلق لديهم إحساساً بالأمان، وميلاً إلى التعاون وما إلى ذلك من النزعات الإيجابية...
أما إذا فرضنا أن علاقة الزوجين كانت علاقة فاترة، تفتقد الإحساس الصادق والمحبة الخالصة، خصوصاً بعد أن تتحول الحياة الزوجية إلى روتين بفعل اعتياد الطرفين بعضهما على بعض، فمن الطبيعي أن ينعكس هذا الجمود العاطفي سلباً على الأولاد، لأن الزوجين عندما يفقدان مشاعرهما الحميمة أحدهما تجاه الآخر، فإن الأولاد سوف يعيشون مناخاً جامداً لا يتحسسون فيه أي معنى للعاطفة أو الحميمية، ولا شك في أن الوالدين اللذين يعيشان الروتين في علاقتهما، سوف يعيشان الروتين نفسه في علاقتهما مع الأولاد، لأن الحالات النفسية لا تتجزَّأ.
ذلك أن عيش الزوجين حياتهما المشتركة بشكل عادي خالٍ من الحرارة والحميمية واللهفة والحنان والاحتضان الروحي وما إلى ذلك، يدل على جمود في شخصيتيهما، ومن الطبيعي أن الشخصية الجامدة تجاه شريك الحياة، هي شخصية جامدة تجاه الأولاد كما تجاه الناس كلهم. إن هذا الجمود سوف ينعكس سلباً على شخصية الأولاد الذين قد يألفون هذا الجمود، وربما يتمثلونه في عمق شخصياتهم.
في مثل هذه الحالة، يفترض بالزوجين، كما يفترض بأي إنسان، أن يعيش إنسانيته بإحساسه بشريكه، فيعتبر جموده العاطفي حالة مَرَضِيّة لا بد من أن، يعالجها فيتبادل الزوج عاطفة الود مع زوجته، وكذلك تفعل الزوجة، الأمر الذي ينعكس إيجاباً على الأولاد، سواء من خلال المناخ الذي يشيعه ذلك، أو من خلال ترجمة تلك الحركية الخارجية إلى حركية عاطفية تجاه الأولاد.
أما الزوجان اللذان يعيشان حالة التنافر والنزاع، بحيث تكون حياتهما مملوءةً بالمشاكل والخلافات، فمن الطبيعي أن ينعكس ذلك سلباً وبشكل كبير جداً على الأولاد. ونحن نعرف من الدراسات الاجتماعية، أن أكثر المشاكل التي يعيشها الأولاد لا تتأتى بسبب انفصال الوالدين، بل بسبب الخلافات الزوجية داخل البيت، بحيث يبدو أن الطلاق، بما فيه من سلبيات، قد يكون أكثر رحمةً بالأولاد، من حياة عائلية في كنف أبوين متنافرين متنازعين لا يحترم أحدهما الآخر، ويكره كل منهما الآخر.
إن علاقة الاحترام المتبادل هي أفضل العلاقات، حتى لو عاش الزوجان الرتابة أو الملل... ولهذه العلاقة تأثير كبير ومهم على الأولاد وعلى نظرتهم إلى الوالدين وإلى الزواج والمؤسسة الزوجية...
أثر المشاكل داخل الأسرة على الطفل
س: إذا كان هناك مشكلة بين الأب والأم، فكيف يمكن حلّ هذه المشكلة دون أن يؤثِّر ذلك على الأولاد؟
ج: بما أن الخلاف الزوجي أمر طبيعي وشائع، فمن واجب الزوجين في حالة التنافر أن لا يتنازعا أمام الأولاد، بحيث لا يسيء الرجل إلى زوجته فيضربها أو يشتمها أو يعنّفها أمام الأولاد، ولا تسيء الزوجة إلى زوجها بأن تتمرد عليه أو تحقِّره أو ما إلى ذلك أمامهم، لأن ذلك سوف يترك تأثيراً سلبياً على الأولاد، فينشأون معقّدين تتنازعهم عواطف متناقضة بين الحب والكراهية تجاه والديهم اللّذَيْن يؤذي كل منهما الآخر، كما قد ينعكس ذلك على حياة الأولاد المستقبلية، إذ تنشأ البنت والصبي وفي ذهنيهما إدراك مشوّه لطبيعة العلاقة التي تربط الزوجين، بحيث يحاولان إسقاطها على حياتهما.
هذا ما شاهدناه في كثير من التجارب، التي تحوّل فيها الولد إلى شخص قاسٍ على زوجته، لأن أباه كان قاسياً على أمه، وكانت فيه البنت متمردة على زوجها، لأن أمها كانت كذلك. فالبيت هو المدرسة التي تزرع في نفس الأولاد بذور المعرفة الأولى بالعالم، الأمر الذي يحوّل تجربة الآباء والأمهات إلى درس يتلقّاه أبناؤهم باكراً في مفهوم الزوجية أو في أي مفهوم إنساني أو اجتماعي...
الطلاق وتأثيره على الطفل
س: من حق الولد أن يتربى في أسرة متماسكةٍ. كيف يمكن أن نفسر تشريع الطلاق، بناءً على ذلك؟ وهل من تأثيرات إيجابية للطلاق تبرِّر تشريعه؟
ج: قد يكون من حق الولد أن يتربى في أسرة متماسكة، إلا أن للطلاق تأثيرات إيجابية على الأولاد في حال فشل زواج الوالدين وتحول علاقتهما إلى جحيم لا يطاق بالنسبة إلى الأولاد، خصوصاً عندما يضرب الزوج زوجته، أو تهرب الزوجة من زوجها عندما يتشاتمان ويتنازعان ويتهاجران بشكل دائم وما إلى ذلك، ما يعطي الأولاد إحساساً بالاضطهاد والحيرة والتمزّق، ويضعهم في حالة طوارىء تدمر نفسياتهم، وتعطيهم صورة سلبية عن الحياة والزواج وعن الجنس الآخر، إلى درجة يتعقد فيها الصبي من المرأة إذا كانت أمه تسيء لأبيه، وتتعقد البنت من الرجل إذا كان أبوها يسيء إلى أمها وما إلى ذلك.
وقد ذكر بعض العلماء، أن المجرمين هم أولاد الخلافات الزوجية، لذلك أراد الإسلام من الزوجين معالجة خلافاتهما قبل الوصول إلى الطلاق الذي هو أبغض الحلال إلى الله، فركّز على أن يكون أساس العلاقة الزوجية مبنياً على المودة والرحمة، والأمن والسكينة، وهو المناخ المثالي لتنشئة الأولاد، كما حصّن الإسلام الزواج من إمكانية الانهيار تحت تأثير الخلافات، بقانون تحكيم العائلة {وإن خفتُم شِقاق بينهما فابعثوا حكَماً من أهله وحكَماً من أهلها إن يريدا إصلاحاً يوفِّق الله بينهما إن الله كان عليماً خبيراً} (النساء:35). فإذا نشبت الخلافات، ولم تنفع معها كل الإجراءات الوقائية، فإن الطلاق عند ذلك يكون الحالة الأسلم للزوجين وللأولاد، وهذا ما عبّر عنه القرآن الكريم: {فإمساكٌ بمعروف أو تسريحٌ بإحسان} (البقرة:229).